حقيبة الوزير كامل
بقلم: أحمد الكومي
يزور وزير المخابرات المصرية عباس كامل قطاع غزة لأول مرّة، كأحد أبرز التجليات السياسية لمعركة “ســيف القدس”، التي نقلت الدور المصري إلى موقع متقدّم هذه المرّة في الصراع مع الاحتلال.
يزور الوزير كامل غزة بصفته ممثلًا للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهذا اعتبار سياسي مهم، تنظر له حركة حماس بتقدير بالغ، فهو يثبت نجاحها في تعزيز مكانتها السياسية في الحالة الوطنية والإقليم والخارج.
إن الدور الذي مارسته القاهرة خلال المعركة ارتقى إلى كونه المدخل لدى الإقليم والمجتمع الدولي إلى حـ oـاس في مباحثات وقف إطلاق النار، وبدا ذلك في اتصال الرئيس الأمريكي جو بايدن مع السيسي، وهذا يعيد الاعتبار الإقليمي لمصر، ويؤشر إلى اعتمادها من الولايات المتحدة بوصفها لاعبًا مركزيًا في المنطقة، كما يعزز موقعها في الحالة الفلسطينية وقطاع غزة على وجه الخصوص.
يحمل الوزير في حقيبته ملفات عدة سيناقشها مع قيادة حـ oـاس، بينما يأتي العنوان العام للزيارة في سياق تثبيت الدور المصري في المنطقة، وفي الوساطة الجارية لضمان استمرار وقف إطلاق النار بين المقـ ـا ومة والاحتلال.
لا شك أن المعركة الأخيرة طورّت العلاقة إلى مستويات متقدّمة بين القاهرة وحـ oـاس، وستحرص الأخيرة على البناء عليها، لكن لا يجب إغفال الاستراتيجية والمسار العقلاني والمنضبط الذي سلكته الحركة في العلاقة مع مصر، على قاعدة المصلحة الوطنية وتقديرًا لموقعها ووزنها الإقليمي.
لن تقف مصر غالبًا عند هذه المعركة، بل ستوظّف مكاسبها السياسية باتجاه التقدّم أكثر في الملف الفلسطيني، وستقود ملف إعادة إعمار ما تضرر في قطاع غزة وإدارة الدعم المالي العربي الموجّه لذلك، إنها فرصة ثمينة تحققت للقاهرة كي تعمم رسالتها خارجيًا وإلى بعض الدول الخليجية التي حاولت منافستها على هذا الدور، وكأنها تعيد إذاعة لازمتها العربية المشهورة: “هنا القاهرة”.
في المقابل، يجب النظر إلى زيارة ممثل السيسي على أنها تقدير مصري أيضًا لحـ oـاس، التي أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية حتى أعادت الاعتبار لمن حولها، وبدا ذلك في دعوتها رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هـ ـنيـ ـة لزيارة القاهرة، وستوظّف الحركة ذلك فيما يخدم جهودها لاستثمار المعركة سياسيًا، وغالبًا فإن الجهد المتقدّم قد يكون باتجاه إعادة ترتيب البيت الفلسطيني.
مرحليًا، فإن الظرف قد يكون مواتيًا لتطوير درجة التعامل المصري الرسمي مع حـ oـاس وقطاع غزة، وهذا استحقاق له دلالاته وتبعاته، لكنه بالتأكيد أصبح واجبًا بعد المعركة؛ في ضوء الدور الذي قادته الحركة وأجادته ممثلة عن الفلسطينيين بالضفة والقدس وقطاع غزة.
ويمكن اعتبار ذلك مقدّمة لانفتاح سياسي عربي جاد يضغط باتجاه الاعتراف بالموقع والمكانة الوطنية لحـ oـاس، الذي يلزم أن يقود الجميع جهودًا لوضعه في مكانه الصحيح ودعمه، ثم سحب نتائج ذلك على حالة الحصار، وتحسين الواقع في قطاع غزة، وتقدير أن حـ oـاس في وضع لديها القدرة فيه على العمل من نقطة صفر، أو العودة إليها.