سيف الإعلام ينتصر لمعركة القدس
لا شك أن الإعلام الفلسطيني يلعب دورا اساسيا في دعم القضية الفلسطينية لا سيما الأحداث الأخيرة التي مرت بها مدينة القدس المحتلة عاصمة فلسطين الأبدية
بقلم: حمزة حماد
أمين سر التجمع الإعلامي الديمقراطي – قطاع غزة
لا شك أن الإعلام الفلسطيني يلعب دورا اساسيا في دعم القضية الفلسطينية، لا سيما الأحداث الأخيرة التي مرت بها مدينة القدس المحتلة عاصمة فلسطين الأبدية، حيث ترأس الإعلام الفلسطيني الدور والتحدي الأكبر في فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم خاصة وأنه مكملا نضاليا على الساحة الميدانية، وأحد أشكال الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
جاءت معركة القدس في ظروف معقدة تمر بها القضية الفلسطينية على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي، فحسب كانت تعاني من انقسام مدمر، وعشوائية في نقل الرسالة، وغياب الوحدة في الخطاب الإعلامي، وتطبيع إعلامي غير مسبوق، وتجاهل ملحوظ وتآمر واضح في ظل عربدة دولة الاحتلال وممارساتها الفاشية، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والمواثيق الدولية وتحديدا المادة (19) التي تنص على صون حرية العمل الصحفي في محاولة لتكميم الأفواه وطمس الحقيقة. فما كان لهذه الانتهاكات إلا ان تشكل إدانة واسعة لسياسات الإحتلال العنصرية التي تهدف لقتل وتدمير وتهجير الشعب الفلسطيني، خاصة وأن قرارات الشرعية الدولية تنص على حق الفلسطينيين بممارسة مختلف أشكال النضال المشروعة.
حيث ساهم الإعلام في رسم لوحة جديدة من الإنجاز الموحد في احياء القضية الفلسطينية على الطاولة الدولية من جديد، واحدث الضجيج الذي لا يحب أن يسمعه دعاة السلام والإنسانية في المنطقة، كما أعلى الصوت الفلسطيني عبر توحيد الهوية الثقافية والإعلامية للشعب الفلسطيني اي جعل اتجاه الإعلام الرسمي والمحلي في طريق موحد، وإضفاء الصبغة الفلسطينية الموحدة في تقديم الرسالة للخارج، وتوحيد موقف التجمعات الفلسطينية في نقل الرسالة المطلوبة، مركزا على إبراز الجانب التاريخي والثقافي لفلسطين في نشر صورة ورسالة مدينة القدس.
اضافة إلى أن الإعلام ساهم في توحيد رؤية الصحفي الفلسطيني في كافة أماكن التواجد، فما كان منه إلا الإسهام المباشر في استخدام لغة العصر والخطاب المؤثر في تحريك الشباب لاستكمال انتفاضة القدس أمام اعتداءات جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين الإسرائيليين بحق المدينة المقدسة، والتأكيد على أن أضلع القضية الفلسطينية كانت وستبقى حاضرة مهما تآمر عليها غربان هذا الزمان والتي تشمل (اللاجئين والاسرى والمقدسات وغيرها).
اللافت أن الإعلام الفلسطيني في هذه المرحلة تجاهل ما يؤثر على رسالة المسيرة الوطنية والكفاحية خاصة بعد مرور نحو 15 عاما من الانقسام المدمر، وهذا بحد ذاته يعتبر من أساسيات العمل الإعلامي بأن يتم دعم ما يعزز الوحدة ومحاربة ما يمكن أن يحرف الأنظار عن القضية المركزية وهي القدس، وباعتقادي أن التخطيط الإعلامي الجيد، والابتعاد عن الحزبية والعشوائية في المسائل الوطنية تحديدا، والسعي نحو توحيد الجسم الصحفي هو الضمان لاستمرار هذه الرسالة الموحدة والقوية لصد الهجمة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني. وهذا كله يستدعي أن يكون هناك تحضيرات لإعداد استراتجية إعلامية متكاملة يشارك بها الكل الفلسطيني من أجل مواصلة هذا الإنجاز والتراكم عليه من أجل إحياء القضايا الرئيسية الأخرى.
إن استهداف الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين خلال العدوان الأخير على قطاع غزة والذي استمر لـ 11 يوما، أبرز الدور البطولي والشجاع للصحفي الفلسطيني في تعرية الاحتلال وكشف زيف روايته، وفضحه أمام العالم، وهذا كان واضحا في رد المحتل حين قام باستهداف الأبراج المدنية التي تضم المقرات الإعلامية، وقتل الصحفي يوسف ابو حسين، وإصابة عدد من الصحفيين، مما يدلل على أن الإعلام الفلسطيني شكل عنصرا فعالا ومؤثرا في المعركة.وبحسب إحصائية لجنة دعم الصحفيين، إن مجمل الانتهاكات التي تعرض لها الصحفيين (99) انتهاكا، حيث توزعت على النحو الآتي: (شهيد، 12 اصابة، 59 تدمير مؤسسة إعلامية، 22 تدمير منزل صحفي، 5 حالات تضرر لمركبات).
فلم يتوقف الأمر على الاستهدافات المباشرة، إنما عمل الاحتلال أيضا على محاربة المحتوى الفلسطيني وإزالته على مواقع التواصل الاجتماعي والتي كانت تمثل المنصة الأساسية في فضح جرائم الاحتلال، وتقديم الحقيقة للعالم الخارجي بشكل مباشر، دون أن تراعي هذه المواقع وسياستها مظلومية الشعب الفلسطيني الذي تعرض للقصف بالأسلحة المحرمة دوليا، والقوة المفرطة التي استخدمها هذا المحتل بحق شعب أعزل جل ضحاياه من المدنيين خاصة منهم الأطفال والنساء حيث ارتقى 66 طفلا، و39 امرأة، و17 مسنا. كما أسهم هذا العالم الأزرق “فيسبوك” رغم محاولات التضييق في تحقيق التعاطف الدولي، وتحشيد الرأي العام لصالح الشعب الفلسطيني، وتحريك الجمهور العربي والغربي لنصرة قضية فلسطين، فما كان من شركة فيسبوك إلا أن تعتذر عن هذا الخطأ متحججة بوجود مشاكل فنية.
وفي شهادة أخرى، أعطت الصحافة العالمية دفعة قوية لرسالة الإعلام الفلسطيني نحو تصديقه ووقف محاربته من خلال نشرها لمعاناة الفلسطينين تحت الاحتلال عبر صفحاتها الرئيسية ومواقعها الإعلامية الرسمية، ومثال على ذلك ما فعلته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية حين تصدرت صفحتها الأولى صور وأسماء الشهداء معنونة ذلك بعبارة “كانوا مجرد أطفال”، وهذا يحدث لأول مرة في تحدٍ واضح لرواية الاحتلال الإسرائيلية الكاذبة والتي اعتادت أن تجد من يجمل صورتها رغم وجود ما يثبت العكس.
واستكمالا لهذا المسلسل الخطير من الانتهاكات الإسرائيلية التي تمارس بحق الصحفيين، تتواصل الحملات التحريضية ضد كل الأصوات التي تعلو وتهدف لمحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها والتي كان آخرها فصل نقيب الصحفيين الزميل الصحفي ناصر ابو بكر من عمله في وكالة الأنباء الفرنسية رضوخا للضغوطات الإسرائيلية، وذلك على خلفية نشاطه الفعال في إدانة جرائم المحتل والسعي نحو محاسبته دوليا.
المطلوب اليوم هو تراكم هذه الجهود وتتويج هذا الإنجاز بصناعة رسالة إعلامية وطنية موحدة قابلة للتطوير، تكون قادرة على مخاطبة الخارج، والحث على المواصلة في التأثير على المؤسسات والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية لخلق أوسع حالة من التضامن مع الصحفي والإنسان الفلسطيني، وإدانة جرائم الاحتلال والعمل على إيقافها، التي تزداد تعسفا وانتهاكا لحقوق الصحفيين والشعب الفلسطيني بشكل تدريجي في ظل غياب الدور المسؤول للمجتمع الدولي، كما أيضا أن يتم العمل على توثيق الجرائم الإسرائيلية وتقديمها للجان تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة من أجل إيجاد نظام دولي قائم على القانون ويحترم القيم التي تعزز ذلك وتحديدا المساءلة والشفافية بما يحقق العدالة في كل العالم.