تعرف على أبرز التقنيات المتطورة المستخدمة في مونديال قطر 2022
تستعد دولة قطر لاستضافة كأس العالم لأول مرة في تاريخ العالم العربي والشرق الأوسط، من 21 نوفمبر/تشرين الثاني ولغاية 18 ديسمبر/كانون الأول من هذا العام 2022، وستكون هذه النسخة الثانية من المونديال التي تقام في قارة آسيا، بعد مونديال كوريا الجنوبية واليابان التي أقيمت عام 2002.
وكانت قطر قد فازت بحق استضافة المونديال عام 2010 في حدث تاريخي يسطر بحروف من ذهب في تاريخ الدولة الفتية والطموحة، ومنذ ذلك الوقت بدأت الدولة سباقا مع الزمن للوفاء بالتزاماتها في ملف الاستضافة، وتحقيق وعودها بتنظيم نسخة استثنائية من المونديال الذي يعد أبرز حدث رياضي في العالم.
ويتوقع أن يتدفق أكثر من مليون مشجع من مختلف أرجاء العالم لمشاهدة مباريات كأس العالم ومؤازرة منتخباتهم، وفي هذا السياق لم تدخر دولة قطر جهدا للتأكد من خوض هذه الآلاف المؤلفة من المشجعين، إضافة إلى اللاعبين والاداريين المرافقين؛ تجربة فريدة من نوعها تعكس الثقافة العربية العريقة، وما وصلت إليه قطر من تقدم وازدهار.
ولعل أبرز ما يلفت النظر هو التقنيات المتطورة والتكنولوجيا الحديثة التي سيُستخدم الكثير منها لأول مرة بالتاريخ في المونديال العربي القطري.
الذكاء الاصطناعي يساعد الحكام في مونديال قطر
كانت قرارات التحكيم في مباريات كأس العالم مدار الكثير من الحوارات والنقاشات والخلافات خلال سنوات كثيرة، وذلك بعد الكثير من القرارات المثيرة للجدل التي اتخذها الحكام في هذه المباريات من مثل: هل عبرت الكرة خط المرمى في المباراة النهائية لكأس العالم عام 1966؟، أو الهدف الذي أحرزه دييغو مارادونا بيده في المباراة الشهيرة بين منتخبي الأرجنتين وإنجلترا في مونديال 1986، وصولا إلى بعض القرارات التي اتخذها حكام الفيديو في مونديال روسيا عام 2018. وكل هذه القرارات الجدلية ما زالت مدار الحديث، ولن ينساها المشجعون الذين شاهدوا تلك المباريات ما استمروا على قيد الحياة، وذلك كما ذكر الكاتب ستيف بيرس في تقرير له نشرته مجلة “فوربس” (FORBES) مؤخرا.
وفي الحقيقة، يحتاج الحكام إلى كل المساعدة التي يمكنهم الحصول عليها، وحاليا، ونحن على أبواب كأس العالم التي ستقام في قطر فإنهم على وشك الحصول على مساعدة الذكاء الاصطناعي لمساعدتهم في إدارة المباريات.
ويشير الكاتب إلى أنه وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، جرب “الفيفا” (الاتحاد الدولي لكرة القدم) استخدام “تقنية التسلل” لتتبع أيدي وأقدام اللاعبين، وهي تقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي جنبا إلى جنب مع سلسلة من الكاميرات المبثوثة حول الملعب لمتابعة أطراف اللاعبين، وإنشاء خطوط تسلل افتراضية للحكام على الفور، وقد تم استخدام هذه التكنولوجيا حتى الآن في كأس العالم للأندية وكأس العرب لكرة القدم اللتين أقيمتا في دولة قطر مؤخرا، وتنوي الفيفا استخدامها في مونديال قطر 2022.
ونظرا لجميع المشكلات المتعلقة بتقنية “التحكيم بمساعدة الفيديو” (VAR) المستخدمة حاليا في الملاعب، فقد تكون هناك بعض المخاوف بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في كرة القدم، ولكن الدكتور باتريك لوسي، كبير العلماء في شركة البيانات الرياضية “ستاتس بيرفورم” (Stats Perform) يقول في تصريحات لمجلة فوربس “إن نهج الفيفا عندما يتعلق الأمر بتتبع الأطراف المستخدمة في تقنية التسلل المشار إليها هو النهج الصحيح”.
ويوضح أنه “بدلا من اتخاذ قرارات مؤتمتة بالكامل، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإعطاء قياسات دقيقة وإنشاء خطوط التسلل التي كان يجب رسمها يدويا في السابق، وهذا يزيل الخطأ البشري، وهو لا يعني تغييب العامل الإنساني بالكامل، حيث يمكن للحكم أو الحكم المساعد أن ينظر إلى الصورة التي أنشأها الذكاء الاصطناعي، ويعرف على الفور ما إذا كان اللاعب متسللا أم لا، ولكن يمكن للحكم أيضا استخدام حكمه الخاص لتقرير ما إذا كان هذا اللاعب يتدخل في اللعب، أو إذا كان هناك أي سبب آخر لإقرار الهدف من عدمه”.
والعملية كلها هي عملية تعاونية بين البشر والآلات، وهنا يوضح الدكتور لوسي أن هذا النهج يجمع بين “حمل البشر على القيام بما يقومون به بشكل جيد حقا، وجعل أجهزة الحاسوب تقوم بما تجيد القيام به حقا”. ولهذا السبب قال رئيس لجنة حكام الفيفا بييرلويجي كولينا إن هذا ليس “تسللا آليا”.
ويشير الكاتب إلى أنه وعلى الرغم من أن البث التلفزيوني لا يوفر جودة تقنية التتبع المباشر للأطراف المطلوبة لاتخاذ قرارات التحكيم الدقيقة، فإن الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا على استخدام البث التلفزيوني لإنشاء إحصاءات في الوقت الفعلي بما في ذلك الأهداف المتوقعة، والموقع المقدر للاعبين داخل الملعب، ويتم ذلك باستخدام بصمة بيانات تتبع اللاعبين خلال الـ20 عاما الماضية، جنبا إلى جنب مع خوارزميات التعلم الآلي لتقدير مكان وجود اللاعبين الذين لا يظهرون على الشاشة.
طرق ذكية في الدوحة القطرية
فازت شركة “ترافيك تيكنولوجي” (Traffic Technologies) مؤخرا بعقد لتوريد برنامجها “المدينة الذكية” (Smart City) لإدارة شبكة الطرق الموجودة في قطر خلال أحداث كأس العالم لكرة القدم 2022، وذلك وفق ما ذكرته منصة “ذا ماركت هيرالد” (The Market Herald) مؤخرا.
وأشارت المنصة إلى أن برنامج المدينة الذكية المذكور يقوم بإنشاء نسخة رقمية (تمثيل افتراضي) لشبكة الطرق المستخدمة في قطر، والتي يمكن استخدامها لتطبيقات مثل أنظمة التحكم في حركة المرور، بما يؤدي لإدارة هذه الحركة بصورة أكثر كفاءة من ذي قبل وبالذات خلال مباريات كأس العالم، وحركة الاكتظاظ المروري المتوقعة خلالها، خصوصا مع وصول مئات آلاف المشجعين من مختلف أنحاء العالم لدولة قطر لمتابعة مباريات المونديال وتشجيع منتخباتهم.
ويعطي هذا البرنامج أولوية خاصة للحافلات خلال كأس العالم، وذلك لأن الكثير من هذه الحافلات سيتولى نقل المنتخبات المشاركة من أماكن إقامتهم إلى الملاعب وبالعكس، وكذلك لنقل المشجعين من وإلى هذه الملاعب.
ووفق المنصة المذكورة فقد وصلت قيمة العقد إلى 1.4 مليون دولار سنويا، ويغطي توريد برمجيات المدينة الذكية.
وتقول الشركة إن البرنامج يقلل من التكاليف التشغيلية لحركة المرور في المدن التي يتم استخدامه فيها، حيث يتم العمل من دون تدخل يدوي، وحيث إن البرنامج يقوم بمعايرة نفسه تلقائيا فلن يتطلب الأمر متابعة بشرية لحركة المرور بشكل متواصل مع ضمان تدفق هذه الحركة بصورة سلسلة.
تقنية التبريد في الملاعب القطرية
كأس العالم في قطر سيكون أول كأس عالم شتوي من نوعه في تاريخ المسابقة، ومع ذلك سيقام المونديال في بلد يشهد درجات حرارة مرتفعة عموما حتى في فصل الشتاء، حيث سيقام المونديال القطري بظروف تصل درجة الحرارة فيها إلى 25 درجة مئوية أو أكثر.
وللتعامل مع درجات الحرارة المرتفعة نسبيا هذه، سيتم تجهيز ملاعب قطر بأنظمة تبريد لضمان درجة حرارة مثالية للاعبين والمتفرجين، حيث يتم تبريد الهواء الخارجي من خلال مراوح التكييف التي تعمل بالطاقة الشمسية، ويدخل الهواء البارد إلى الملعب من خلال فتحات في المدرجات وفوهات أخرى كبيرة في الملعب، وباستخدام تقنية تدوير الهواء، يتم سحب الهواء المبرد للخلف، حيث يجري بعد ذلك إعادة تبريد الهواء الخلفي المسحوب وتصفيته، وبمجرد إعادة تبريده وتصفيته، يتم دفع الهواء المعاد تدويره مرة أخرى داخل الملعب، وذلك وفق ما ذكرته منصة “قطر 2022” (qatar2022).
أجهزة قابلة للارتداء للمساعدة الطبية
سلسلة من الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء قيد التطوير حاليا للمساعدة في تجنب حالات الطوارئ الطبية لأي مشجع يحضر كأس العالم في قطر، ويتواصل العمل على طباعة مستشعرات منخفضة الطاقة مباشرة على القماش لقياس نبضات القلب، والتنفس، والترطيب في قمصان ملائمة ستوزع خلال فعاليات المسابقة. وتعمل هذه القمصان عبر البلوتوث وترسل بياناتها إلى المحطة الأساسية، بحيث يمكن مراقبة العلامات الحيوية في الوقت الفعلي للمشجعين. وذلك وفق ما ذكرته منصة “أيريش أكزامينر” (Irish Examiner) في تقرير لها عن أبرز التقنيات المستخدمة في مونديال قطر 2022.
تكنولوجيا متطورة وتطبيقات ذكية لتوصيل الغذاء أثناء المباريات
وسيتمكن المشجعون من طلب الطعام إلى مقاعدهم في ملاعب قطر، وذلك باستخدام تطبيق الهاتف الذكي “أساب” (Asapp) حيث يمكن للمشجعين ترتيب توصيل الطعام إلى مقاعدهم أو استلامه عبر قوائم الانتظار السريعة، وهو ما يعني توفير الكثير من الوقت على المشجعين اللذين كانت تفوتهم العديد من الأهداف بسبب انشغالهم بشراء وجلب الطعام، كما ستتيح تقنية “واي فاي الذكية” (Smart Wifi) إضافة لمحطات شحن أجهزة الجوال المتوفرة بكثرة في الملاعب القطرية البقاء على اتصال طوال الوقت للمشجعين.
التنقل في الوقت الحقيقي
وستوفر سلسلة من أجهزة الاستشعار حول العاصمة القطرية الدوحة معلومات في الوقت الفعلي للمساعدة في التنقل من وإلى الملاعب، وسيتم إرسال التعليقات حول حركة المرور، وسيارات الأجرة ومواقف السيارات، ونظام المترو الجديد، ومداخل ومخارج الموقع عبر تطبيق هاتف ذكي مصمم خصيصا. وسيساعد هذا التطبيق أيضا المشجعين على التنقل في المساحات الداخلية في الملاعب ومراكز التسوق وأماكن الترفيه، وذلك كما ذكر تقرير “أيريش أكزامينر” آنف الذكر.
نظم إضاءة متطورة
تقنية أخرى ذكرها التقرير السابق وسيتم استخدامها في مونديال قطر، حيث تم تجهيز جميع الملاعب في قطر باستخدام تقنية “إل إي دي” (LED)، والتي تتميز بأضواء متغيرة الألوان وتأثيرات عرض أخرى يمكن استخدامها في حفلي الافتتاح والختام في ملعبي البيت ولوسيل، وهذه المصابيح موفرة للطاقة، وغير سامة، ولها عمر يصل إلى 6 أضعاف عمر المصابيح التقليدية.
غرف مشاهدة حسية
وتم إنشاء غرف “المشاهدة الحسية” (Sensory viewing rooms) في الملاعب لتوفير مساحات آمنة وهادئة للأشخاص المصابين بالتوحد أو أولئك اللذين لديهم مشاكل صحية أخرى تمنعهم من متابعة المباريات من المدرجات -كما ذكر التقرير- وتتميز هذه الغرف بعرض تفاعلي للمباريات، وإضاءة متحكم بها، وألعاب لمساعدتهم على الاستمتاع بمشاهدة المباراة في بيئة مريحة.