بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء اسلام ويب
الإسلام دين سماوي أُنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في جزيرة العرب في القرن السابع الميلادي. عندما بدأ الإسلام، كان غريبًا في بيئة كانت تعج بالجهل والشرك وعبادة الأصنام. كانت رسالته في التوحيد والعدل والمساواة شيئًا غير مألوف للكثيرين، ما جعله غريبًا وسط تلك المجتمعات التي كانت تألف الطقوس الوثنية والعادات القبلية الجاهلية. في حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم “بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء”، يمكن أن نفهم الكثير من المعاني والدلالات التي تنطبق على مراحل مختلفة من تاريخ الإسلام وحتى في زماننا هذا.
الغربة في بداية الإسلام
عندما بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته، واجه معارضة شديدة من قريش وسائر القبائل العربية. كانوا يرونه غريبًا ودعوته مستنكرة لأنها تتحدى معتقداتهم الراسخة وعاداتهم الاجتماعية. تعرض المسلمون الأوائل للاضطهاد والعذاب، واضطر بعضهم للهجرة إلى الحبشة والمدينة المنورة بحثًا عن الأمان وحرية العبادة. هذه الغربة الأولى تمثل مرحلة تأسيسية هامة في تاريخ الإسلام، حيث استمر المسلمون في نشر دعوتهم رغم كل الصعوبات والعراقيل.
معاني الغربة في الحديث الشريف
يركز الحديث الشريف على مسألة الغربة في مرحلتين: في بداية الإسلام وعند عودته. يمكن أن نفهم من هذا الحديث أن الإسلام سيواجه تحديات في مراحل مختلفة من التاريخ، حيث قد يبتعد الناس عن تعاليمه الأصيلة ويعود الإسلام ليصبح غريبًا كما كان في بدايته. يمكن أن تكون هذه الغربة غربة فكرية وثقافية، حيث يبتعد المسلمون عن جوهر دينهم ويتبنون أفكارًا وممارسات لا تمت للإسلام بصلة.
الغربة في العصر الحديث
في عصرنا الحديث، يمكن أن نرى مظاهر الغربة تتجلى بوضوح. يعيش المسلمون في عالم معولم، تتداخل فيه الثقافات وتتزايد فيه التحديات الفكرية والثقافية. يعاني الكثير من المسلمين من فهم مغلوط أو ناقص لتعاليم دينهم، وتنتشر بعض الأفكار والممارسات التي تتنافى مع القيم الإسلامية الأصيلة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه المسلمون تحديات من قوى خارجية تسعى لتشويه صورة الإسلام ووصمه بالإرهاب والتطرف.
في هذا السياق، يمكن أن يكون المسلمون الذين يتمسكون بتعاليم الإسلام الحقيقية ويعملون على نشرها وتوضيحها هم الغرباء الذين تحدث عنهم النبي صلى الله عليه وسلم. هؤلاء الغرباء يعملون بجد لإصلاح المجتمع وتقويم مساره، متحملين في سبيل ذلك الصعوبات والمعارضة.
طوبى للغرباء
الجزء الثاني من الحديث “فطوبى للغرباء” يحمل في طياته بشارة وأملاً لهؤلاء الغرباء. “طوبى” كلمة تعني السعادة والبركة والراحة، وهي وعد من النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله سيمنح هؤلاء الغرباء أجرًا عظيمًا وجزاءً حسنًا على صبرهم وثباتهم على الحق. إنهم نموذج للمسلم المثالي الذي يتمسك بدينه رغم كل الصعوبات والتحديات، ويسعى لإصلاح المجتمع ونشر العدالة والقيم الإسلامية.
أهمية الاستقامة والتمسك بالقيم الإسلامية
إن الغربة التي تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم تدعو المسلمين إلى التمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية بغض النظر عن التغيرات الاجتماعية والثقافية التي تحيط بهم. يجب على المسلم أن يكون قدوة حسنة في أخلاقه ومعاملاته، وأن يسعى لنشر الخير والعدل في مجتمعه. هذا يتطلب معرفة عميقة بتعاليم الإسلام وفهمًا صحيحًا لمقاصد الشريعة.
العودة إلى الأصول
للخروج من حالة الغربة والابتعاد عن الإسلام الأصيل، يجب على المسلمين العودة إلى مصادرهم الأساسية: القرآن الكريم والسنة النبوية. يجب أن يكون هناك جهود متواصلة للتعليم والتوعية، لتعريف الناس بجوهر الإسلام وقيمه النبيلة. في هذا السياق، يمكن لعلماء الدين والدعاة أن يلعبوا دورًا محوريًا في توجيه الناس وتصحيح المفاهيم الخاطئة.
التحديات المعاصرة
تواجه المجتمعات الإسلامية اليوم العديد من التحديات، بدءًا من العولمة والانفتاح الثقافي وصولاً إلى التطرف الفكري والديني. يتطلب التعامل مع هذه التحديات رؤية شاملة وفهمًا عميقًا للإسلام وللواقع المحيط. يجب على المسلمين أن يكونوا واثقين من أنفسهم ومن دينهم، وأن يسعوا لبناء مجتمعات قوية ومتماسكة تعتمد على القيم الإسلامية الأصيلة في تحقيق العدالة والتنمية.
إن حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن غربة الإسلام يحمل في طياته دروسًا عظيمة للمسلمين في كل زمان ومكان. يعكس هذا الحديث الحقيقة التاريخية والاجتماعية التي مر بها الإسلام، ويوجه المسلمين نحو التمسك بدينهم والعمل على نشره وتصحيح المفاهيم الخاطئة. في ظل التحديات التي تواجه المجتمعات الإسلامية اليوم، يجب أن يكون المسلمون مستعدين لتحمل مسؤولياتهم والعمل بإخلاص وإتقان لتحقيق الخير والعدالة في مجتمعاتهم. فطوبى لهؤلاء الغرباء الذين يسعون جاهدين لإحياء الإسلام بصورته النقية وإصلاح ما فسد من الأمور.