هل صوم يوم التروية كفارة سنة وصوم يوم عرفة كفارة سنتين
الصوم من أعظم العبادات التي شرعها الله تعالى للمسلمين، وهو فريضة في شهر رمضان وسنة في غيره من الأيام. من الأيام التي يستحب فيها الصيام يوم التروية ويوم عرفة، وهما اليومان الثامن والتاسع من شهر ذي الحجة على التوالي. يحظى هذان اليومان بأهمية خاصة في الإسلام، ولهما فضائل عظيمة وردت في الأحاديث النبوية.
فضل يوم التروية وصيامه
يوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة، وسمي بذلك لأن الحجاج كانوا يرتوون فيه من الماء ويحملونه معهم إلى عرفات استعدادًا ليوم عرفة. ويعد يوم التروية من الأيام المباركة التي يستحب فيها الصيام، رغم أنه لم يرد في الأحاديث النبوية أنه كفارة لسنة. إلا أن العلماء استحبوا صيامه لعدة أسباب:
التقرب إلى الله: الصوم في هذا اليوم يعين المسلم على زيادة التقرب إلى الله واستثمار الفرص الزمنية التي فضلها الله.
التهيئة ليوم عرفة: يعتبر صوم يوم التروية مقدمة لصوم يوم عرفة، مما يساعد المسلم على التحضير الروحي والجسدي لاستقبال يوم عرفة بعبادة متواصلة.
اتباع السنة النبوية: على الرغم من عدم وجود حديث صريح يذكر فضل صيام يوم التروية بشكل مباشر، إلا أن صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة عامةً مستحب، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصوم هذه الأيام.
فضل يوم عرفة وصيامه
يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، ويعتبر من أفضل الأيام عند الله، حيث يجتمع الحجاج على جبل عرفات لأداء الركن الأعظم من أركان الحج. ورد في الأحاديث النبوية العديد من الفضائل المتعلقة بهذا اليوم وصيامه:
كفارة للسنتين: ورد في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده” (رواه مسلم). يدل هذا الحديث على أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين، وهذا فضل عظيم لا يقدر بثمن.
يوم المغفرة: يوم عرفة هو يوم العتق من النار، حيث يعتق الله فيه رقاب الكثير من المسلمين ويغفر لهم ذنوبهم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة” (رواه مسلم).
الدعاء المستجاب: يعتبر يوم عرفة من أفضل أيام الدعاء، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على الإكثار من الدعاء في هذا اليوم. قال صلى الله عليه وسلم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة” (رواه الترمذي).
أهمية الصيام في هذين اليومين
يشكل صيام يوم التروية ويوم عرفة فرصة عظيمة للمسلمين لتعزيز إيمانهم وزيادة تقواهم. يأتي ذلك من خلال ما يلي:
زيادة الأعمال الصالحة: الصيام من الأعمال الصالحة التي ترفع درجات المسلم وتزيد من حسناته. فكل يوم من الصيام يعتبر جهادًا نفسيًا وتقربًا إلى الله.
التوبة والرجوع إلى الله: أيام ذي الحجة، وخاصة يومي التروية وعرفة، هي فرص للتوبة والاستغفار والرجوع إلى الله بقلوب صافية ونقية. الصوم يساعد المسلم على تحقيق هذا الهدف.
التذكير بالآخرة: الصوم يذكر المسلم بيوم القيامة وما يتبعه من حساب وجزاء. فيصوم المسلم بهذه النية، متطلعًا إلى مغفرة الله وعفوه.
توحيد الأمة: من خلال صيام يوم التروية ويوم عرفة، يشعر المسلمون بوحدة الأمة الإسلامية، حيث يصومون جميعًا في هذه الأيام المباركة، مما يعزز من روابط الأخوة والمحبة بينهم.
إن صيام يوم التروية ويوم عرفة من الأعمال العظيمة التي لها فضل كبير في الإسلام. فرغم أن صيام يوم التروية ليس كفارة لسنة، إلا أن له فضلًا عظيمًا في التقرب إلى الله والاستعداد ليوم عرفة. أما صيام يوم عرفة فهو كفارة لسنتين، مما يجعله فرصة لا تعوض للحصول على مغفرة الله وعفوه. إن استغلال هذه الأيام بالصيام والعبادة هو من الأمور التي ينبغي على كل مسلم الحرص عليها، فهي أيام مباركة تتضاعف فيها الأجور وتفتح فيها أبواب الرحمة والمغفرة. فينبغي على المسلم أن يستعد لهذه الأيام العظيمة بالنية الصادقة والعزيمة القوية، راجيًا من الله أن يتقبل منه صيامه وعبادته، وأن يغفر له ذنوبه ويعتقه من النار.