لبيك اللهم عمرة متمتعا بها الى الحج
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام وأحد أعظم الشعائر الدينية التي يؤديها المسلمون في حياتهم. إنه تعبير عن الإيمان والتسليم الكامل لله سبحانه وتعالى. ومن بين أنواع الحج، يُعتبر الحج المتمتع من أكثرها تميزاً وتفضيلاً عند كثير من المسلمين. يبدأ الحاج بهذه النية: “لبيك اللهم عمرة متمتعاً بها إلى الحج”، مما يعني أنه يعتزم أداء العمرة أولاً في أشهر الحج، ثم يتحلل منها، ويؤدي مناسك الحج في نفس السنة.
تعريف الحج المتمتع
الحج المتمتع هو نوع من الحج يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة خلال موسم الحج. يقوم الحاج أولاً بأداء مناسك العمرة، ومن ثم يتحلل من إحرامه، ويظل في مكة حتى يحين وقت أداء مناسك الحج. يتميز هذا النوع من الحج بأنه يمنح الحاج فرصة للاستراحة والتجهيز لأداء مناسك الحج بعد إتمام العمرة.
مناسك العمرة
عند النية للعمرة، يبدأ الحاج بالإحرام من الميقات، وهي النقطة المحددة التي يجب أن يحرم منها. يرتدي الرجال الإحرام، الذي يتكون من قطعتين غير مخيطتين، بينما ترتدي النساء لباساً عادياً مع تغطية رأسهن بدون النقاب أو القفازين. يردد الحاج: “لبيك اللهم عمرة” ويبدأ بالتلبية قائلاً: “لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك”.
الطواف والسعي
بعد الوصول إلى مكة، يقوم الحاج بأداء الطواف حول الكعبة سبعة أشواط، مبتدئاً من الحجر الأسود. بعد ذلك، يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم إذا تيسر ذلك. ثم ينتقل الحاج إلى السعي بين الصفا والمروة، حيث يسعى سبعة أشواط بدءًا من الصفا وانتهاءً بالمروة. بعد إتمام السعي، يقصر الحاج شعره أو يحلقه، وبذلك يتحلل من إحرامه وينتهي من مناسك العمرة.
التحلل من الإحرام
بعد التحلل من الإحرام، يمكن للحاج أن يستمتع بوقته في مكة حتى يحين موعد الحج. يُتاح له القيام بالعبادات وزيارة المسجد الحرام والطواف بالكعبة دون إحرام. تكون هذه الفترة فرصة للاستعداد النفسي والروحي للحج.
مناسك الحج
في يوم التروية (الثامن من ذي الحجة)، يحرم الحاج مرة أخرى للحج من مكانه في مكة، قائلاً: “لبيك اللهم حجاً”. يتوجه إلى منى حيث يقضي يوم التروية وليلة التاسع من ذي الحجة. في اليوم التاسع، يتوجه إلى عرفة للوقوف بعرفة، وهو الركن الأعظم من أركان الحج، حيث يظل الحاج في الدعاء والذكر حتى غروب الشمس.
ليلة المزدلفة ورمي الجمرات
بعد مغيب شمس يوم عرفة، يتوجه الحجاج إلى مزدلفة، حيث يجمعون الحصى ويبيتون فيها. في صباح يوم العاشر من ذي الحجة، يعودون إلى منى لرمي جمرة العقبة الكبرى، ثم يذبحون الهدي (الأضحية)، ويحلقون أو يقصرون شعورهم، وبذلك يتحللون التحلل الأصغر.
طواف الإفاضة والسعي
بعد التحلل الأصغر، يتوجه الحاج إلى مكة لأداء طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج. يقوم بالطواف حول الكعبة سبعة أشواط، ثم يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، ويقوم بالسعي بين الصفا والمروة إذا لم يكن قد سعى بعد طواف القدوم.
التحلل الأكبر وأيام التشريق
بعد أداء طواف الإفاضة والسعي، يتحلل الحاج التحلل الأكبر ويُسمح له بجميع ما كان محظوراً عليه أثناء الإحرام. يقضي الحاج أيام التشريق (11، 12، 13 من ذي الحجة) في منى، يرمي الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال.
طواف الوداع
قبل مغادرة مكة، يقوم الحاج بأداء طواف الوداع، وهو الطواف الأخير حول الكعبة كتوديع للبيت الحرام. بعد أداء طواف الوداع، يترك الحاج مكة عائداً إلى دياره، وقد اكتمل حجه.
الحج المتمتع هو تجربة روحية عميقة تجمع بين مناسك العمرة والحج في رحلة واحدة. إنه يعبر عن الالتزام والإيمان والتقرب إلى الله تعالى، ويوفر فرصة للحاج لأداء مناسك الحج بشكل مريح ومنظم. بترديد “لبيك اللهم عمرة متمتعاً بها إلى الحج”، يبدأ الحاج رحلته الروحية العظيمة، متمنياً القبول والرضا من الله سبحانه وتعالى. الحج تجربة لا تنسى، تترك أثراً دائماً في قلب المؤمن وتزيده قرباً من خالقه.