كلمة عن الرسول للاذاعة المدرسية مكتوبة
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. مدير المدرسة المحترم، أساتذتي الأفاضل، زملائي وزميلاتي الأعزاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله صباحكم بكل خير.
نلتقي اليوم في إذاعتنا المدرسية لنقف أمام سيرة أعظم رجل عرفته البشرية، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. ذلك الإنسان الذي بعثه الله رحمة للعالمين، ليخرجنا من الظلمات إلى النور، ويعلمنا قيم المحبة والتسامح والرحمة. واليوم سأحدثكم عن جوانب من سيرته العطرة وصفاته النبيلة.
ولادته ونشأته:
وُلِدَ النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة في عام الفيل، وتحديدًا في يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول. وُلِدَ يتيم الأب، ثم فقد أمه آمنة بنت وهب وهو في سن السادسة، ليعيش في كنف جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب. رغم يتمه وفقدانه للحنان الأبوي والأمومي في سن مبكرة، إلا أن الله هيّأ له من يرعاه ويعلمه مكارم الأخلاق، فكان نموذجًا للشباب الملتزم والمحبوب في مجتمعه.
بعثته ونبوته:
في سن الأربعين، أكرمه الله برسالة الإسلام، وبدأت رحلته في الدعوة إلى الله. كان في غار حراء حين نزل عليه الوحي لأول مرة بواسطة جبريل عليه السلام، وكانت أول كلمة نزلت عليه هي “اقرأ”، وهي كلمة تحمل في طياتها معاني العلم والمعرفة، وتدل على أهمية التعلم في حياة الإنسان.
بدأ النبي دعوته سرًا بين أهله وأصدقائه، ثم أمره الله بالجهر بالدعوة، فواجه العديد من الصعوبات والتحديات من أهل مكة الذين كانوا يتمسكون بعبادة الأصنام. لكن رغم هذه التحديات، لم يتوقف عن نشر رسالة الإسلام، بل استمر في دعوته بالصبر والإصرار، وكان يتحلى بالحكمة والرحمة في التعامل مع من خالفوه.
أخلاقه وصفاته:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالاً للأخلاق الفاضلة، حتى قبل أن يُبعث نبيًا. كان يُعرف في مكة بـ”الصادق الأمين”، وذلك لصدقه وأمانته في التعامل مع الناس. كان يفي بوعوده، ويكرم ضيوفه، ويعين المحتاجين، ويعفو عند المقدرة. ومن أعظم صفاته، التواضع. فقد كان يخدم أهله بنفسه، ويجلس مع الفقراء، ولا يميز نفسه عن أصحابه في المجالس.
ومن صفاته أيضًا الرحمة. فقد كان رحيماً بالحيوان والإنسان، وكان يوصي أصحابه بحسن معاملة الحيوانات، ويحثهم على الرفق بها. ومن المواقف التي تظهر رحمته، موقفه مع أهل مكة يوم الفتح، حين دخل مكة منتصرًا وقال لهم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”، رغم ما فعلوه به وبأصحابه من أذى وظلم.
تعامله مع الأطفال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعامل مع الأطفال بلطف ومحبة، فكان يسلم عليهم، ويلاعبهم، ويحملهم على كتفيه. ومن أمثلة ذلك تعامله مع حفيديه الحسن والحسين رضي الله عنهما، حيث كان يلاعبهما ويقبلّهما ويعلم المسلمين أهمية الرحمة بالأطفال. كان يحرص على تعليمهم القيم والأخلاق، ويشجعهم على فعل الخير، ويعطيهم من وقته واهتمامه، حتى يشعروا بالحب والأمان.
تسامحه وعفوه:
التسامح كان من أبرز صفات النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن يسعى للانتقام ممن أساءوا إليه. كان يعفو عن من ظلمه، ويصفح عمن أساء إليه. فعندما عاد إلى مكة بعد سنوات من الهجرة، وفتحها بقوة وعدد كبير من المسلمين، كان بإمكانه أن ينتقم من أهلها الذين أخرجوه وآذوه، ولكنه اختار العفو، وقال: “لا تثريب عليكم اليوم، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين”.
رحمته بالحيوان:
لقد كان صلى الله عليه وسلم رحيمًا بالحيوان أيضًا، فقد وردت الكثير من الأحاديث التي توصي بالرفق بالحيوان، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: “في كل كبد رطبة أجر”، مما يشير إلى أن إطعام الحيوان وإرواء ظمأه فيه ثواب عظيم عند الله. وروي عنه أنه دخل بستانًا فرأى جملًا يبكي، فمسح على ظهره، وأوصى صاحبه بأن يحسن معاملته.
التربية والتعليم:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا بأفعاله وأقواله، فكان قدوة في كل شيء. كان يهتم بتعليم أصحابه، ويحثهم على طلب العلم، ويعلمهم أهمية التعلم والبحث عن المعرفة. كان يجلس معهم ويجيب على أسئلتهم، ويوجههم للطريق الصحيح، ويحثهم على الصبر والاجتهاد في أمور دينهم ودنياهم.
موقفه من الفقراء والمحتاجين:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبًا من الفقراء والمحتاجين، ولم يكن يتركهم يعانون من الفقر أو الحاجة دون أن يقدم لهم العون. كان يحرص على توزيع الصدقات وإطعام الفقراء، وكان يقول: “ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع”. وكان يحث المسلمين على التكافل الاجتماعي والاهتمام بمن حولهم، ليعم الخير والبركة على الجميع.
الدروس المستفادة من سيرته:
إن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مليئة بالدروس والعبر التي يجب أن نتعلمها ونتخذها منهجًا لحياتنا. يجب أن نتعلم منه الصبر على الشدائد، والإصرار على تحقيق الهدف، والرحمة بالآخرين، والتسامح والعفو عند المقدرة. كما يجب أن نتعلم منه أهمية العلم والتعلم، وأن نكون قدوة في أخلاقنا ومعاملاتنا مع الآخرين.
إن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا في كل شيء، وعلينا أن نقتدي بأخلاقه وصفاته، وأن نسعى دائمًا لنكون على خطاه، لعلنا نحظى بشفاعته يوم القيامة. لنتذكر دائمًا أن الله قد أرسله رحمة للعالمين، وأن رسالته هي رسالة سلام ومحبة وتسامح.
نسأل الله أن يجمعنا بنبينا في الفردوس الأعلى، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.