كيف تواسي شخص فقد غالي بالكلام
فقدان الأحباء من أصعب التجارب التي قد يمر بها الإنسان، ويمثل تهديدًا لمشاعره وأفكاره. يعاني الشخص الذي فقد شخصًا عزيزًا من مشاعر الحزن العميق والوحدة، وقد يعجز عن التعبير عن الألم الذي يشعر به. في مثل هذه اللحظات العصيبة، قد يكون الدعم النفسي من الآخرين هو الشيء الوحيد الذي يستطيع تخفيف بعض آلامه. من بين طرق الدعم التي يمكن أن تكون فعالة في تقديم العزاء والمواساة هو الكلام الطيب الذي يمكن أن يعبر عن التعاطف والمواساة. لكن كيف يمكن أن تكون كلماتنا مواساة فعالة؟ وما هي الكلمات المناسبة في مثل هذه الحالات؟
أهمية الكلمات في التخفيف عن النفس
الكلمات لها قوة عظيمة في التأثير على مشاعر الإنسان، سواء كانت إيجابية أو سلبية. قد تساهم الكلمات الطيبة واللينة في التخفيف من حدة الألم النفسي، كما قد تؤدي الكلمات الجافة أو غير المدروسة إلى زيادة المعاناة والحرمان. لذا، من المهم أن نكون حذرين في اختيار ما نقوله لشخص فقد شخصًا عزيزًا. في الحقيقة، إن مواساة الآخرين بالكلام تعد من أرقى أساليب الدعم، إذ تجعل الشخص يشعر أن هناك من يشاركه آلامه، وهو ما يساعد في عملية الشفاء العاطفي.
كيف نواسي بكلمات مناسبة؟
- الاستماع أولاً: قبل أن نقول أي شيء، من المهم أن نمنح الشخص المصاب فرصة للتحدث والتعبير عن مشاعره. في كثير من الأحيان، لا يحتاج الشخص الحزين إلى نصائح أو حلول بقدر ما يحتاج إلى شخص يستمع له. عندما يستمع الآخرون لنا، نشعر بأن آلامنا قد تجد من يفهمها. لذا، إن أظهرت تعاطفك من خلال الاستماع، فقد تمهد الطريق لتقديم كلمات مناسبة من بعد.
- استخدام كلمات التعاطف والتفهم: قد تكون الكلمات التي تعبر عن التعاطف البسيط هي الأفضل في هذا السياق. عبارات مثل “أنا آسف لما تمر به، يمكنني أن أتصور مدى صعوبة هذا الوقت عليك”، أو “أنت في أفكاري، وأنا هنا من أجلك”، تساعد في تقديم الدعم بشكل فعال. هذه الكلمات تؤكد للشخص المتألم أنك تشاركه حزنه دون محاولة إنكار أو تقليل من شعوره.
- الاعتراف بحجم الخسارة: إن التعبير عن فهمنا لحجم الخسارة يعتبر خطوة أساسية في تقديم المواساة. فقولك “فقدان شخص عزيز مثل هذا لا يمكن أن يكون سهلاً” يعكس إدراكك لحقيقة الألم الذي يعاني منه الشخص الآخر. هذا النوع من الكلمات يساعد في تأكيد مشاعر الشخص الحزين، ويجعله يشعر بأنك تقدر مدى عمق الخسارة.
- عدم استخدام كلمات قد تؤدي إلى التخفيف السريع أو التهوين: في بعض الأحيان، قد نسمع بعض الأشخاص يقولون: “كل شيء سيكون على ما يرام” أو “هو في مكان أفضل الآن”. رغم أن هذه الكلمات قد تبدو مريحة في ظاهرها، إلا أنها قد تشعر الشخص الحزين بأن مشاعره غير محترمة أو مفهومة بشكل كافٍ. لذلك، من الأفضل تجنب هذا النوع من العبارات والتركيز على توفير الدعم والاحترام للمشاعر الحقيقية للشخص.
- الدعاء والذكر: إذا كان الشخص المتألم يتبع ديانة معينة، فإن التعبير عن دعاء مثل “رحمه الله” أو “أسأل الله أن يلهمك الصبر” يمكن أن يكون مصدرًا للراحة. هذه الكلمات تظهر دعمك الروحي وتعتبر وسيلة فعالة لمواساة شخص في محنته، حيث أن اللجوء إلى الإيمان يمكن أن يكون له تأثير كبير في تخفيف الحزن.
- تقديم الدعم العملي: أحيانًا تكون الكلمات غير كافية وحدها، ويحتاج الشخص الذي فقد عزيزًا إلى مساعدات عملية. يمكنك تقديم كلمات تسبق أفعالًا مثل: “إذا كنت بحاجة إلى أي مساعدة أو دعم، أنا هنا من أجلك”، أو “هل ترغب في الخروج لبعض الوقت أو التحدث؟”. مثل هذه العروض تبعث على الراحة وتمنح الشخص شعورًا بأن هناك من يهتم.
تجنب بعض الأخطاء في المواساة
رغم أن نية المواساة تكون صافية في الغالب، إلا أن بعض الكلمات أو الأفعال قد تسبب دون قصد الأذى أو زيادة المعاناة. من بين الأخطاء الشائعة التي قد يرتكبها البعض:
- التحدث كثيرًا عن الموت بطريقة غير حساسة: على الرغم من أن الحديث عن الموت قد يكون مفيدًا في بعض الأحيان، إلا أن التحدث عنه بطريقة غير ملائمة أو غير محسوبة قد يزيد من ألم الشخص. يجب أن يكون الحديث عن الموت ذا طابع محترم ومتوافق مع مشاعر الحزن التي يعيشها الشخص.
- المقارنة بالخسائر الأخرى: قد يشعر الشخص الحزين بالإحباط إذا كان الشخص الآخر يقارن خسارته مع خسائر أخرى، كقول “أنا أيضًا فقدت شخصًا عزيزًا، لكني تخطيت ذلك”. هذه المقارنة قد تجعل الشخص يشعر بأن حزنه ليس كبيرًا بما فيه الكفاية.
- إعطاء نصائح غير مرغوبة: تقديم نصائح مباشرة مثل “لابد أن تمضي قدمًا في حياتك” قد تكون غير مرحب بها. الشخص الذي فقد شخصًا عزيزًا يحتاج إلى وقت للتعامل مع حزنه، ولا يعني ذلك أنه يحتاج إلى نصائح عاجلة أو حلول سريعة.
دور المواساة في التخفيف عن الشخص
الكلمات الطيبة قد لا تعيد الشخص الذي فقد عزيزًا، لكنها تلعب دورًا مهمًا في تهدئة الألم النفسي وتعزيز الصبر. إذ أن الشخص الذي يتلقى كلمات تعاطف حقيقية يشعر أنه ليس وحيدًا في محنته، وأن هناك من يشارك في حزنه. هذه الكلمات تساهم في مساعدة الشخص على قبول الواقع تدريجيًا والتكيف مع الألم.
المواساة بالكلام هي أداة فعالة في التخفيف من وطأة الحزن. يجب أن نتذكر دائمًا أن الكلمات لها تأثير قوي على مشاعر الآخرين، وأن الكلمات اللطيفة والملائمة يمكن أن تكون بمثابة بلسم للروح الجريحة.